هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد هذا جمهور المفسرين كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسعدي وابن عاشور.
قال الطبري:(وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أجل أن عائشة سألت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئاً من عرض الدنيا، إما زيادة في النفقة، أو غير ذلك فاعتزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه شهراً فيما ذكر، ثم أمره الله أن يخيرهن بين الصبر عليه، والرضا بما قُسم لهن، والعمل بطاعة اللَّه، وبين أن يمتعهن ويفارقهن إن لم يرضين بالذي يقسم لهن) اهـ.
وقال ابن العربي لما ذكر بعض الأسباب:(والصحيح ما في صحيح مسلم عن جابر بن عبد اللَّه قال: جاء أبو بكر ... ثم ساق الحديث) اهـ.
قال ابن كثير:(هذا أمر من اللَّه تبارك وتعالى لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند اللَّه تعالى في ذلك الثواب الجزيل فاخترن - رضي اللَّه عنه وأرضاهن - اللَّه ورسوله والدار الآخرة فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة) اهـ.
وقال السعدي: الما اجتمع نساء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الغيرة وطلبن منه أمراً لا يقدر عليه في كل وقت، ولم يزلن في طلبهن متفقات وفي مرادهن متعنتات شق ذلك على الرسول حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهراً، فأراد اللَّه أن يسهل الأمر على رسوله، وأن يرفع درجة زوجاته ويذهب عنهن كل أمر ينقص أجرهن فأمر رسوله أن يخيرهن فقال:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا).