هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية. وقد ذكر جمع من المفسرين هذا الحديث عند تفسيرها كالطبري والبغوي والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري:(وذُكر أن هذه الآية نزلت من أجل نفر تدارؤوا بينهم في علم الله بما يقولونه ويتكلمون سرًّا) اهـ.
وقال ابن عاشور بعد ذكر الحديث:(وهذا بظاهره يقتضي أن المخاطب به نفر معين في قضية خاصة مع الصلاحية لشمول من عسى أن يكون صدر منهم مثل هذا للتساوي في التفكير، ويجعل موقعها بين الآيات التي قبلها وبعدها غريباً، فيجوز أن يكون نزولها صادف الوقت الموالي لنزول التي قبلها، ويجوز أن تكون نزلت في وقت آخر وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بوضعها في موضعها هذا لمناسبة ما في الآية التي قبلها من شهادة سمعهم وأبصارهم) اهـ.
وذهب ابن عطية إلى أن القصة ليست سبباً للنزول فقال:(ويشبه أن يكون هذا بعد فتح مكة فالآية مدنية ويشبه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ الآية متمثلاً بها عند إخبار عبد اللَّه إياه والله أعلم) اهـ.
والغريب حقاً أن ينتصر ابن عاشور لآخر كلام ابن عطية فيقول (وأحسن ما في كلام ابن عطية طرفه الثاني وهو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ الآية متمثلاً بها فإن ذلك يؤول قول ابن مسعود فأنزل الله تعالى، ويبين وجه قراءة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إياها عندما أخبره ابن مسعود بأنه قرأها تحقيقاً لمثال من صور معنى الآية وهو أن مثل هذا النفي ممن يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم) اهـ.
وعندي - والله أعلم - أن ما ذكره ابن عطية وانتصر لبعضه ابن عاشور خطأ لأنه لا يوجد ما يدل عليه وليس له ما يبرره.