للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي بعد ما بايع معاوية فقال: سودت وجوه المؤمنين، أو يا مسوِّد وجوه المؤمنين فقال: لا تؤنبني - رحمك الله - فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُري بني أُمية على منبره فساءه ذلك فنزلت: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) يا محمد، يعني نهرًا في الجنة، ونزلت: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)، يملكها بعدك بنو أُمية يا محمد. قال القاسم: فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يومًا ولا تنقص.

قال ابن كثير: (ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم بني أمية، ولو أُريد ذلك لم يكن بهذا السياق، فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم، لا يدل على ذم أيامهم فإن ليلة القدر شريفة جدًا، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أُمية التي هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث.

والسورة مكية فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أُمية ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها، والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة فهذا كله مما يدل على ضعف الحديث ونكارته واللَّه أعلم). اهـ. بتصرف.

وقال ابن عاشور: (وهو مختل المعنى وسمات الوضع لائحة عليه وهو من وضع أهل النحل المخالفة للجماعة). اهـ. باختصار.

ومن هنا يمكن القول أنه لا بد لاستقامة السبب وقبوله أن يوافق الآية في اللفظ، والخطاب، وأصل الموضوع.

السبب الثالث: وقوع الخطأ في الإسناد وهو أقسام:

أ - أن يكون السبب ضعيف الإسناد وإليك الأمثلة:

١ - أخرج الترمذي وابن ماجه عن عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة عن أبيه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر في ليلة مظلمة فلم ندرِ أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنزل: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>