بنزول الآية فيمكن أن يقال: إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استدل بالآية لما سمع مقالة اليهود؛ لأن ابن سلام من بني إسرائيل، والآية بعمومها تتناوله فظن عوف بن مالك أنها نزلت فيه.
أما أن هذا قول الصحابة والتابعين وعليه جمهور أهل التأويل أنه ابن سلام فيقال نعم. ابن سلام من بني إسرائيل وشهد على مثله، لكن هل هذا يعني أنها نزلت فيه؟
الجواب: لا وقولهم فيه من باب التفسير فقط وهو حق فإن العموم يشمله.
وأما من قال من العلماء: إن هذا إخبار من اللَّه بما سيقع من إيمان عبد اللَّه بن سلام فهذا غريب، إذ كيف يقول اللَّه:(وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ) وهو لم يشهد بعد؟
ثم كيف يحتج اللَّه على المشركين بأمر لم يقع؟ بل هل انقضت الحجج والدلائل فلم يبق إلا هذا؟
فإن قيل: قد قلت ما قلت فمن هو الشاهد إذن؟
فالجواب: أن الشاهد هنا العلماء المتقدمون من بني إسرائيل فإن عندهم من الدلائل والبراهين من الكتب المتقدمة ما يعرفون به صدقه وصدق ما جاء به قال اللَّه تعالى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٩٧).
قال السعدي:(أولم يكن لهم آيةً على صحته وأنه من اللَّه أن يعلمه علماء بني إسرائيل الذين قد انتهى إليهم العلم، وصاروا أعلم الناس، وهم أهل الصنف فإن كل شيء يحصل به اشتباه يرجع فيه إلى أهل الخبرة والدراية فيكون قولهم حجةً على غيرهم كما عرف السحرة الذين مهروا في علم السحر صدق معجزة موسى وأنه ليس بسحر فقول الجاهلين بعد هذا لا يؤبه به) اهـ.
وقال الله تعالى:(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (٤٣).
قال ابن كثير:(والصحيح في هذا أن (وَمَنْ عِنْدَهُ) اسم جنس يشمل