المفسرون عن المشركين أنهم وصموا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالسحر بعد انشقاق القمر.
ومن المعلوم أنهم لن يقولوا:(سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) إلا بعد رؤيتهم للآية، ومن المعلوم أيضاً أن اللَّه لن يحكي هذا القول عنهم حتى يقولوه.
وإذا كان الأمر كذلك تحققنا أن الآيات إنما نزلت بعد الحدث لا قبله؛ لأنهم لن يقولوا:(سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) وهم لم يروها بعد، ولن يقول اللَّه هذا عنهم وهم لم يقولوه.
لكن هل يعني هذا أن حدث انشقاق القمر سبب نزول الآية؟
والجواب: أن الراجح عندي أن الأمر كذلك، وإن كان التصريح بالنزول غير محفوظ، لأن سؤال المشركين آية، وإتيان اللَّه بها، وتكذيبهم إياها، يناسب تمام المناسبة نزول القرآن بعدها موبخاً لهم ومهدداً بيوم يقول الكافرون فيه:(هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ). فمطابقة هذا لاصطلاح العلماء في أسباب النزول ظاهرة.
بقي أن يقال: هل انشق القمر مرتين؟
والجواب: أن القمر انشق مرة واحدة لكنه انفلق فلقتين لأن هذا هو المروي عن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
ولأنه مقتضى الحكمة لأن المقصود من انشقاقه العبرة والعظة، وما لم يحصل هذا من انشقاقه في المرة الأولى مع أنها أبلغ في التأثير فلن يحصل في المرة الثانية وحينئذٍ تنتفي الحكمة من شقه مرتين واللَّه أعلم.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور سبب نزول هذه الآيات الكريمة لصحة سنده، وموافقته لاصطلاح العلماء في تعريف السبب واللَّه أعلم.