فكتب حاطب إلى المشركين من أهل مكة، يخبرهم بمسير رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم ليتخذ بذلك يداً عندهم لا شكاً ولا نفاقاً وأرسله مع امرأة، فأخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشأنه فأرسل إلى المرأة قبل وصولها وأخذ منها الكتاب وعاتب حاطباً فاعتذر بعذر قبله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) اهـ.
وقال ابن عاشور:(اتفق المفسرون وثبت في صحيح الأحاديث أن هذه الآية نزلت في قضية الكتاب الذي كتب به حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى من قريش. وكان حاطب من المهاجرين أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن أهل بدر) اهـ.
هذه أقوال المفسرين شاهدة ظاهرة تُجمع القولَ أن هذه الآية نزلت بسبب قصة حاطب بن أبي بلتعة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
ومع هذا فقد مال ابن حجر إلى أن نزول الآية في هذا الحديث زيادة مدرجة فقال:(وقد بيّن سياق علي أن هذه الزيادة مدرجة) ثم استطرد في نقل أقوال المحدثين التي تثبت ذلك.
وعندي - والله أعلم - أن القول ما قال المفسرون وشهرة الأمر عند السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، واتفاقهم عليه تشفي وتكفي، كيف لا وقد أيَّد هذا سياق القرآن.
والحكم بالإدراج لا ينفي نزولها لهذا السبب، إذ قد تنزل ولا تذكر وليس عدم الذكر ذكراً للعدم، وكون أمر نزولها يشتهر على هذا النحو يدل حتماً على أن لذلك أصلاً.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور سبب نزول الآيات التي معنا لصحة سنده، وموافقته لسياق القرآن، وإجماع المفسرين عليه واللَّه أعلم.