٣ - أخرج البخاري عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: كان قوم يسألون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استهزاءً فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل اللَّه فيهم هذه الآية:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) حتى فرغ من الآية كلها.
وقد أفاد ابن عاشور بأن أولئك ليسوا مؤمنين؛ لأن المؤمنين لا يستهزئون برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أن الآية صُدرت بنداء الإيمان.
٤ - أخرج أحمد والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنه - قال: كانت امرأة حسناء تصلي خلف رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: فكان بعض القوم يستقدم في الصف الأول لئلا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله في شأنها:(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤).
فهذا السبب لا يصح للنزول لما يتضمنه من القدح في أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والنيل منهم، والله أعلم. اهـ.
٥ - أخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما نزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) قال لي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ما ترى. دينار؟) قلت: لا يطيقونه، قال:(فنصف دينار؟) قلت: لا يطيقونه.
قال:(فكم؟) قلت: شعيرة. قال:(إنك لزهيد) قال: فنزلت: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ) قال: فبي خفف اللَّه عن هذه الأمة.
هذا الحديث يقتضي أن علياً أرحم بالناس من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس الأمر كذلك فليس أحد أرحمَ بالمؤمنين من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما قال تعالى:(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨).