هكذا جاء في سبب نزول هذه السورة فأما حديث الترمذي عن يوسف بن سعد فقد تقدم الكلام عليه تفصيلاً في السبب السابق.
وأما حديث ابن عبَّاسٍ في قصة كعب بن الأشرف مع كفار قريش فقد ذكره الطبري والبغوي والقرطبي وابن كثير.
وقد ورد في نزول هذه السورة غير هذا فقد روى مسلم عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال بينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءةً ثم رفع رأسه متبسماً. فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله، فقال:(أُنزلت علي آنفا سورة) فقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)، ثم قال:(أتدرون ما الكوثر؟) فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال:(فإنه نهر وعدنيه ربي - عَزَّ وَجَلَّ - عليه خير كثير. هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة. آنيته عدد النجوم. فيختلج العبد منهم. فأقول: ربِّ إنه من أمتي. فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك).
وقد ذكر هذا الحديث من المفسرين البغوي والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال ابن كثير بعد أن ذكر هذا الحديث:(وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وهل هي مكية أو مدنية؟ تعارضت الأقوال والآثار في أنها مكية أو مدنية تعارضاً شديداً، فهي مكية عند الجمهور واقتصر عليه أكثر المفسرين وعن الحسن وقتادة ومجاهد وعكرمة هي مدنية ويشهد لهم ما