للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمسى معافى زاد الاغترار وطال الأمل.

وأي موعظة أبلغ من أن ترى ديار الأقران وأحوال الإخوان وقبور المحبوبين فتعلم أنك بعهد أيام مثلهم، ثم لا يقع انتباه ينتبه الغير بك، هذا والله شأن الحمقى (١).

لقلبك يوما اتعبتك المناظر ... وكنت متى أرسلت طرفك رائدا

ولا عن بعضه أنت صابر ... رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه

قال أبو الدرداء: يا بني لا تتبع بصرك كلما ترى في الناس فإنه من يتبع بصره كلما يرى في الناس يطل تحزنه ولا يشف غيظه ومن لا يعرف نعمة الله إلا في مطعمة أو مشربة فقد قل علمه وحضر عذابه ومن لا يكن غنيًّا من الدنيا فلا دنيا له (٢).

أيها الحبيب:

اعلم أن شهوة الفرج والعين هي أغلب الشهوات على الإنسان وأعصاها عند الهيجان على العقل، إلا أن مقتضاها قبيح يستحيا منه ويخشى من اقتحامه، وامتناع أكثر الناس عن مقتضاها إما لعجز أو لخوف أو لحياء أو لمحافظة على جسمه، وليس في شيء من ذلك ثواب فإنه إيثار حظ من حظوظ النفس على حظ آخر: نعم من العصمة أن لا يقدر ففي هذه العوائق فائدة وهي دفع الإثم، فإن من ترك الزنا اندفع عنه إثمه بأي سبب كان تركه، وإنما الفضل


(١) صيد الخاطر (٤٢٧).
(٢) الزهد: (١٩٦).

<<  <   >  >>