النظرات كانت كالمياه تسقي بها الشجرة، فلا تزال تنمى فيفسد القلب ويعرض عن الفكر فيما أمر به ويخرج بصاحبه إلى المحن ويوجب ارتكاب المحظورات ويلقى في التلف، والسبب في هذا الهلاك: أن الناظر أول نظرة التذ بها فكررها يطلب الالتذاذ بالنظر مستهينًا بذلك فأعقبه ما استهان به التلف، ولو أنه غض عند أول نظرة لسلم في باقي عمره (١).
أخي الحبيب:
إن فتنة النظر إلى ما حرم الله أصل كل فتنة، ومنجم كل شهوة فالنظر هو رائد الشهوة ورسولها، وحفظه أصل حفظ الفرج فمن أطلق نظره أورد نفسه موارد الهلاك، وقد جعل الله سبحانه وتعالى العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته.
لذلك لما أمر الله عز وجل في سورة النور بحفظ الفرج قدم الأمر بغض البصر لأنه هو بريد الزنى وبابه حيث قال عز وجل:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النور: ٣٠، ٣١].
فمن سرح ناضرة أتعب خاطره، من كثرت نظراته ضاعت أوقاته ودامت حسراته، فيا من يريد السلامة، ويطلب الخلاص،