دخل بعضهم غيضة ذات شجر فقال: لو خلوت ههنا بمعصية من كان يراني؟ فسمع هاتفا بصوت ملأ الغيضة {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك: ١٤](١).
أيها الحبيب:
كثير من الناس يتسامحون في أمور يظنونها قريبة، وهي تقدح في الأصول، كاستعارة طلاب العلم جزءًا لا يردونه وقصد الدخول على من يأكل ليؤكل معه، والتسامح بعرض العدو التذاذا بذلك واستصغارا لمثل هذا الذنب، وإطلاق البصر في المحرم استهانة بتلك الخطيئة.
وأهون ما يصنع ذلك بصاحبه أن يحطه من مرتبة المتميزين بين الناس، ومن مقام رفعة القدر عند الحق أو فتوى من لا يعلم لئلا يقال، هو جاهل ونحو ذلك مما يظنه صغيرًا وهو عظيم.
وربما قيل له بلسان الحال: يا من اؤتمن على أمر يسير فخان، كيف ترجو بتدليلك رضا الديان؟
قال بعض السلف: تسامحت بلقمة فتناولتها فأنا اليوم من أربعين سنة إلى خلف.
فالله الله، اسمعوا ممن قد جرب كونوا على مراقبة، وانظروا في العواقب، واعرفوا عظمة الناهي، واحذروا من نفخة تحتقر، وشررة