للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهوى وغاية المنى، يسلم (١).

شكا رجل من بغضه لزوجته لابن الجوزي: فقال: ما أقدر على فراقها لأمور، منها كثرة دينها عليَّ وصبري قليل، ولا أكاد أسلم من فلتات لساني في الشكوى، وفي كلمات تعلم بغضي لها.

فقال له ابن الجوزي: هذا لا ينفع وإنما تؤتى البيوت من أبوابها، فينبغي أن تخلو بنفسك فتعلم أنها إنما سلطت عليك بذنوبك فتبالغ في الاعتذار والتوبة.

فأما التضجر والأذى لها فما ينفع كما قال الحسن عن الحجاج: عقوبة من الله لكم فلا تقابلوا عقوبته بالسيف قابلوها بالاستغفار.

واعلم أنك في مقام مبتلى ولك أجر بالصبر {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} فعامل الله سبحانه وتعالى بالصبر على ما قضى واسأله الفرج، فإذا جمعت بين الاستغفار وبين التوبة من الذنوب والصبر على القضاء وسؤال الفرج، حصلت ثلاثة فنون من العبادة تثاب على كل منها، ولا تضيع الزمان بشيء لا ينفع، ولا تحتل ظانا منك أنك تدفع ما قدر: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ١٧] (٢).

قال داود الطائي: ما أخرج الله عبدًا من ذل المعاصي إلى عز


(١) صيد الخاطر (٤٩٨).
(٢) صيد الخاطر (٤٩٨)

<<  <   >  >>