للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مصيبتي وأخلف لي خيراً منها, إلا أخلف الله له خيراً منها". [الحديث].

وقد جعل الله كلمات الاسترجاع وهى قول المصاب "إنا لله وإنا إليه راجعون" ملجأً وملاذاً لذوي المصائب, وعصمة للممتحنين من الشيطان لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة, فيهيج ما سكن, ويظهر ما كمن (١).

وليعلم المصاب أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها, وهو في الحقيقة يزيد في مصيبته, بل يعلم المصاب أن الجزع يشمت عدوه, ويسوء صديقه, ويغضب ربه, ويسر شيطانه, ويحبط أجره, ويضعف نفسه, وإذا صبر واحتسب أخزى شيطانه, وأرضى ربه, وسر صديقه, وساء عدوه, وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه, فهذا هو الثبات في الأمر الديني قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر" فهذا هو الكمال الأعظم, لا لطم الخدود وشق الجيوب, والدعاء بالويل والثبور, والتسخط على المقدور.

قال بعض الحكماء: العاقل يفعل في أول يومٍ من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام, ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم (٢).

قال عبدالله بن المبارك -رحمه الله-: أتى رجل يزيد بن يزيد


(١) تسلية أهل المصائب ١٦.
(٢) تسلية أهل المصائب ٣٩.

<<  <   >  >>