للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجه الأرض شيء أحوج إلى سجن من لسان (١).

فإن لم يسجن وأطلق له العنان فإنه كما وصف طاوس: لساني سبع إن أرسلته أكلني (٢).

وهو والله أشد يأكل الحسنات ويجلب السيئات، تفاجأ يوم القيامة بذنوب كالجبال، من آفات وسقطات اللسان.

يتعلق بك من بهته ويمسك بك من اغتبته. . ويقبض على رقبتك من استهزأت به قال تعالى: {أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} حديثك تنساه بمجرد إطلاق الكلمة وانتهاء المجلس .. ولكنه محصى عليك .. موقوف أنت حتى يقتص منك .. يؤخذ من حسناتك لهم فإن فنيت حسناتك أخذ من سيئاتك فحطت عليك ... !

مصيبة أن تفجع في ذلك اليوم بمثل هذا وأنت أحوج ما تكون للحسنة الواحدة.

لنرى تحفظ من سبقنا .. وكيف كانوا يملئون صحائفهم؟

قيل للمعافي بن عمران: ما ترى في الرجل يقرض الشعر ويقوله؟ قال: هو عمرك فأفنه بما شئت.

وسئل مسروق عن بيت من شعر فكرهه، فقيل له؟ فقال: إني أكره أن يوجد في صحيفتي شعر (٣).


(١) صفة الصفوة (١/ ٤٥٠).
(٢) الإحياء: ٣/ ١٢٠.
(٣) كتاب الصمت (٢٨٢).

<<  <   >  >>