للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل ما يفهم المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام.

فمن ذلك قول عائشة رضي الله عنها دخلت علينا امرأة فلما ولت، أومأت بيدي أنها قصيرة، فقال عليه السلام "اغتبتيها" ومن ذلك المحاكاة يمشي متعارجا أو كما يمشي فهو غيبة، بل هو أشد من الغيبة، لأنه أعظم في التصوير والتفهيم، وكذلك الغيبة بالكتابة فإن القلم أحد اللسانين (١).

روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: هاجت ريح منتنة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أناسا من المنافقين، قد اغتابوا أناسا من المسلمين فلذلك هاجت هذه الريح النتنة" (٢).

وقيل لبعض الحكماء: ما الحكمة في أن ريح الغيبة ونتنها كانت تتبين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تتبين في يومنا هذا؟

قال: لأن الغيبة قد كثرت في يومنا، فامتلأت الأنوف منها، فلم تتبين الرائحة، وهي النتن، ويكون مثال هذا، مثال رجل دخل الدباغين، لا يقدر على القرار فيها من شدة الرائحة، وأهل تلك الدار، يأكلون فيها الطعام، ويشربون الشراب ولا تتبين لهم الرائحة لأنه قد امتلأت أنوفهم منها، كذلك أمر الغيبة في يومنا هذا (٣).

ولننظر إلى صفاء النفوس، ورفعة النفس وقبل ذلك طاعة الله


(١) الإحياء (٣/ ١٥٤).
(٢) تنبيه الغافلين: (١٧٥).
(٣) تنبيه الغافلين (١٧٥)

<<  <   >  >>