للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر ذلك الإمام الدارمي (ت - ٢٨٠هـ) رحمه الله بقوله:

(إنما نصفه بالأسماء لا بالتكييف ولا بالتشبيه، كما يقال: إنه ملك كريم، عليم حكيم، حليم رحيم، لطيف مؤمن، عزيز جبار متكبر، وقد يجوز أن يدعى البشر ببعض هذه الأسماء) (١) .

وقد أطال الإمام ابن خزيمة (ت - ٣١١هـ) رحمه الله في بيان هذه القاعدة، وضرب لها أمثلة عدة منها تسمية الله نفسه عزيزاً (٢) ، وسمى بعض الملوك عزيزاً فقال: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف: ٣٠] .

ومنها تسمية الله عزّ وجل نفسه الجبار المتكبر بقوله: {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: ٢٣] ، وسمى بعض الكفار متكبراً جباراً فقال: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر: ٣٥] ، وغيرها من الأمثلة (٣) .

وأختم بما قاله الفخر الرازي (ت - ٦٠٦هـ) رحمه الله حين قال كلمة حق في معتقد السلف، وأنه بعيد عن التشبيه وهي قوله:

(اعلم أن جماعة من المعتزلة ينسبون التشبيه إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين (٤) وهذا خطأ، فإنهم منزهون في اعتقادهم عن التشبيه، والتعطيل، لكنهم كانوا لا يتكلمون في المتشابهات بل كانوا يقولون: آمنا وصدقنا، مع أنهم كانوا يجزمون بأن الله تعالى لا شبيه له، وليس كمثله شيء، ومعلوم أن هذا الاعتقاد بعيد جداً عن التشبيه) (٥) .


(١) رد الإمام الدارمي على بشر المريسي ص٤٢ - ٤٣.
(٢) لم يذكر الإمام ابن خزيمة رحمه الله مثالاً من القرآن على تسمية الله نفسه عزيزاً، ومن ذلك قوله سبحانه: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: ٣٨] .
(٣) انظر: التوحيد لابن خزيمة ١/٥٩ - ٨١، وانظر: تحريم النظر في كتب الكلام لابن قدامة المقدسي ص٥٧.
(٤) يحيى بن معين: بن عون بن زياد بن بسطام المري، مولاهم، الإمام الحافظ شيخ المحدثين، من أعلم الناس بالرجال، اشتهر بالورع والدين، ت سنة ٢٣٣هـ.
انظر في ترجمته: طبقات الحنابلة لأبي يعلى ١/٤١٢، وفيات الأعيان لابن خلكان ٥/١٩٠.
(٥) اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص٨٤ - ٨٦.

<<  <   >  >>