للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

مناقشة الدعوى

يستمر المناوئون لابن تيمية رحمه الله في كيل الدعاوى عليه بدون نقد ولا تمحيص، فيقوّلونه ما لم يقل، ويبحثون عن الأدلة الصحيحة فيصرفون دلالتها عن ما هي عليه، ويستدلون بالأحاديث الضعيفة، والقصص، والحكايات المكذوبة، نصرة للبدعة، وحرباً للسنة وأهلها.

وقد ظن المناوئون لابن تيمية رحمه الله حين يزعمون أنه أول من منع التوسل بالنبي بعد وفاته أنهم قد قدحوا فيه، ورموه بالعظائم، ولم يعلموا أن هذه شهادة له بحسن المعتقد، وقوة البصيرة في الدين، وإن كان هناك قدح فهو في القرون السبعة السابقة التي رميت وافتري عليها بأنها تقول بجواز التوسل بالنبي بعد موته، وهي لم تقل.

ولهذا يعجب ابن تيمية رحمه الله حين يناظره مخالفوه، ويعرضون عليه مسائل عدة، يرون أنه خالف الإجماع فيها فيقول: (أن لفظ (كم) يقتضي التكثير، وهذا يوجب كثرة المسائل، التي خرق المجيب فيها الإجماع) (١) .

ثم يبين عدم خرقه الإجماع بقوله: (والذين هم أعلم من هذا المعترض، وأكثر اطلاعاً اجتهدوا في ذلك غاية الاجتهاد، فلم يظفروا بمسألة واحدة خرق فيها الإجماع، بل غايتهم أن يظنوا في المسألة أنه خرق فيها الإجماع، كما ظنه بعضهم في مسألة الحلف بالطلاق، وكان فيها من النزاع نقلا، ومن الاستدلال فقهاً وحديثاً ما لم يطلع عليه) (٢) .


(١) الرد على الأخنائي ص١٩٥.
(٢) الرد على الأخنائي ص١٩٥.

<<  <   >  >>