للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي سنة ٧٠٩هـ نفي من القاهرة إلى الإسكندرية، وكان هذا من الخير لأهل الإسكندرية ليطلبوا العلم على يديه، ويتأثروا من مواعظه، ويتقبلوا منهجه، لكن لم يدم الأمر طويلاً لهم، فبعد سبعة أشهر طلبه إلى القاهرة الناصر قلاوون (١) بعد أن عادت الأمور إليه، واستقرت الأمور بين يديه، فقد كان من مناصري ابن تيمية رحمه الله وعاد الشيخ إلى دورسه العامرة في القاهرة.

وامتحن شيخ الإسلام بسبب فتواه في مسألة الطلاق (٢) ، وطُلب منه أن يمتنع عن الإفتاء بها فلم يمتنع حتى سجن في القلعة من دمشق بأمر من نائب السلطنة سنة ٧٢٠هـ إلى سنة ٧٢١هـ لمدة خمسة أشهر وبضعة أيام.

وبحث حساده عن شيء للوشاية به عند الولاة فزوروا كلاماً له حول زيارة القبور، وقالوا بأنه يمنع من زيارة القبور حتى قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فكتب نائب السلطنة في دمشق إلى السلطان في مصر بذلك، ونظروا في الفتوى دون سؤال صاحبها عن صحتها ورأيه فيها، فصدر الحكم بحقه في شعبان من سنة ٧٢٦هـ بأن ينقل إلى قلعة دمشق ويعتقل فيها هو وبعض أتباعه واشتدت محنته سنة ٧٢٨هـ حين أُخرج ما كان عند الشيخ من الكتب والأوراق والأقلام، ومنع من ملاقاة الناس، ومن الكتابة والتأليف (٣) .

[٥ - وفاته رحمه الله]

في ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة من سنة (٧٢٨هـ) توفي شيخ


(١) الملك الناصر: محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي، أبو الفتح، من كبار ملوك الدولة القلاوونية، ولي سلطة مصر والشام وهو صغير، وخلع منها لحداثة سنه ثم عاد بالقوة إليها، كان وقوراً مهيباً، يدعو رجاله بأجل ألقابهم، ت سنة ٧٤١هـ.
انظر في ترجمته: فوات الوفيات للكتبي ٤/٣٥، الدرر الكامنة لابن حجر ٤/٢٦١، النجوم الزاهرة للأتابكي ٨/٤١، ١١٥.
(٢) وهي فتواه رحمه الله بأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة، انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٣٣/٧٦ - ٨٧، وانظر: رسالة تسمية المفتين بأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة لسليمان العمير.
(٣) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ١٤/١٢٣.

<<  <   >  >>