حرص المناوئون لابن تيمية رحمه الله على إضعاف ثقة الناس به وبكلامه، فأقاموا الشُبه على منهجه رحمه الله كما أقاموها على بعض تفصيلات المعتقد، ومع اختلاف كثير منهم معه في المعتقد كالأشاعرة والمتصوفة وغيرهم، إلا أنهم جميعاً لا يصمدون أمام الحقائق، فالمُدعي يطالَب بإثبات صدق دعواه، وذلك بإيراد كلام الخصم، ليكون حجة على صدق الدعوى، وهم إذا طولبوا بذلك ولّوا على أدبارهم هاربين.
وقد يجد الناظر المحقق أن عندهم بعض النصوص التي ينقلونها عن ابن تيمية رحمه الله ولكن هذه النصوص إما أن تكون مبتورة فلا ينقلونها كاملة فيقع اللبس، أو أن ينقلوها وهم لا يفهمونها على حقيقتها، بسبب الجهل بمذهب السلف، وبما تحمله المصطلحات والألفاظ من معان.
وأما دعوى أن ابن تيمية رحمه الله على خلاف مذهب السلف ... ، فيجاب عن أصحاب الدعوى بأن يقال لهم: ماذا تريدون بمصطلح السلف: إن كان المراد سلف الأشاعرة والمتصوفة وغيرهم من المبتدعة فإن ابن تيمية رحمه الله لم ينتسب إلى أحد منهم، ولم يقل بقولهم، بل كان يرد عليهم ويناقشهم.
وأما إذا كان المراد بالسلف: سلف الأمة وأئمتها، وأن ابن تيمية على خلاف ما كانوا عليه، فهذا من أعجب العجب، أن يكون الشارح لمعتقد السلف، والمستدل له، والمدافع عنه على خلافه، ثم يكون أصحاب الدعوى من أهل الأهواء هم حملة هذا المعتقد الحق، والمدافعون عنه.