للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

مناقشة دعوى أن شيخ الإسلام ينهى عن زيارة القبور

تتميز هذه الدعوى (مسألة شد الرحل) بالذات، والدعوى التي تليها (مسألة التوسل) ، عن غيرها من المسائل المنتقدة على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأمر مما يجعلها أكثر إثارة، وأوسع نقاشاً مع الخصم، ألا وهو: أن بداية الانتقاد على ابن تيمية رحمه الله من قبل مناوئيه كان في حياته، فعُقدت جلسات، وقامت مناظرات بينه وبين خصومه، بل وأُلفت الكتب في الرد على ابن تيمية رحمه الله في حياته، مما جعله يؤلف ردوداً عليها تبين وجه الحق في المسألة، والمسائل الملتبسة على الخصم وعلى العامة حتى يتضح الحق ويحيا من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، فألف (الرد على الأخنائي) وألف (الرد على البكري) ، إضافة إلى كتب ورسائل أخرى تبين قوله في الموضوع.

وقد بين رحمه الله أن لفظ (الزيارة) لفظ مجمل يدخل فيها الزيارة الشرعية والزيارة البدعية التي هي من جنس الشرك، بل صار في عرف كثير من الناس إذا أطلق لفظ زيارة قبور الأنبياء والصالحين إنما يفهم منه الزيارة البدعية.

وإذا كان اللفظ مجملاً يحتمل الحق والباطل عدل عنه إلى لفظ لا لبس فيه كلفظ السلام عليه. (١)

وقد ذكر رحمه الله الخلاف الدائر بين السلف في شرعية زيارة القبور.

فقال طائفة من السلف: إن زيارة القبور محرمة مطلقاً، وأن النهي عن الزيارة لم ينسخ، فإن أحاديث النسخ لم يروها البخاري (ت - ٢٥٦هـ) رحمه الله ولم


(١) انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص١٤٠ - ١٤١، قاعدة عظيمة ص٩٣.

<<  <   >  >>