للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني

مناقشة الدعوى

يقف ابن تيمية رحمه الله كغيره من أئمة السلف موقف الوسط في إثبات الصفات بين المعطلة النفاة من جهة، وبين المثبتة الغلاة الذين شبهوا الله بخلقه من جهة.

وقد بينت - سابقاً - موقفه من النفاة، وسأبين الآن موقفه من المشبهة وهو - كسابقه - موقف الرد والمعارضة والتخطئة (١) ، وإن كان يرى أن من يثبت بعض الصفات كالكلابية (٢) ،

والأشاعرة، ومن يغلو في الإثبات كالكرامية أصح طريقاً وأخف خطأ من المعطلة، ولهذا يضع رحمه الله قاعدة مهمة في الموازنة بين الفرق فيقول:

(ولهذا كان المتكلمة الصفاتية كابن كلاب، والأشعري، وابن كرام خيراً وأصح طريقاً في العقليات والسمعيات من المعتزلة، والمعتزلة خيراً وأصح طريقاً في العقليات والسمعيات من المتفلسفة (٣) ، وإن كان في قول كل من


(١) انظر: شرح حديث النزول ص٢٥٠، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٤/١٤٤.
(٢) الكلابية: أتباع أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كُلاب القطان البصري (ت ٢٤٠هـ) ، ومن أقوالهم: إن الإيمان لا يتفاضل ولا يزيد ولا ينقص، وأن القرآن معنى قائم بالنفس لا يتعلق بالمشيئة والقدرة، ولابن كلاب مناظرات قوية مع المعتزلة.

انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ١/٢٤٩ - ٢٥٢، الفصل لابن حزم ٤/٢٠٨.
(٣) الفلاسفة: هم المنتسبون إلى الفلسفة، وهي كلمة يونانية بمعنى محبة الحكمة، وأكثر الفلاسفة لا يقرون بالخالق، ولا بالنبوات، ولا بالبعث، ويقولون بقدم العالم، ومنهم من يقر ببعضها.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني تحقيق بدران ٢/٦٢ - ٦٤، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ص١٢٦ - ١٢٩، آداب الفلاسفة لحنين بن إسحاق ٣٧ - ٤٥، المدخل إلى معاني الفلسفة لعرفان عبد الحميد ١١ - ٧٤، المدرسة الفلسفية في الإسلام للفيومي ١٤٣ - ١٩٤.

<<  <   >  >>