للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وبين ذلك أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس» (١) .

فدل على أنه يعلمها بعض الناس، وهي في نفس الأمر ليست متماثلة، بل بعضها حرام وبعضها حلال) (٢) .

وأما لفظ (الحشوية) فقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن هذا اللفظ ليس له مسمى معروف لا في الشرع، ولا في اللغة، ولا في العرف العام، وليس فيه ما يدل على شخص معين، ولا مقالة معينة، فلا يدرى من هم هؤلاء؟

ويذكر أن أول من تكلم بهذا اللفظ عمرو بن عبيد (٣) ، حيث قال: كان عبد الله بن عمر (٤) - رضي الله عنهما - حشوياً.

وأصل ذلك أن كل طائفة قالت قولاً تخالف به الجمهور والعامة فإنها تنسب قول المخالف لها إلى أنه قول الحشوية: أي الذين هم حشوٌ في الناس ليسوا من المتأهلين عندهم.

فالمعتزلة تسمي من أثبت القدر حشوياً، والجهمية يسمون مثبتة الصفات


(١) أخرج الحديث البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان رقم (٥٢) ، ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، والنسائي في سننه ٤/٣ كتاب البيوع، باب اجتناب الشبهات في الكسب، وأبو داود في سننه ٣/٦٢٤ - ٦٢٥ كتاب البيوع، باب اجتناب الشبهات، وابن ماجه في سننه ٢/١٣١٨ - ١٣١٩ كتاب الفتن، باب الوقوف عند الشبهات.
(٢) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ٣/٤٤٥ - ٤٤٦، وانظر: التدمرية ١١٦ - ١٣١.
(٣) عمرو بن عبيد: أبو عثمان البصري، مبتدع ضال، من كبار المعتزلة، الذين أسسوا المذهب مع واصل بن عطاء، يقول بالقدر، ت سنة ١٤٣هـ.
انظر في ترجمته: المجروحين لابن حبان ٢/٦٩، تهذيب التهذيب لابن حجر ٨/٧٠، مقالات الإسلاميين لأبي القاسم البلخي ص٦٨.
(٤) عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو عبد الرحمن أسلم مع أبيه، وهاجر، واستصغره النبي يوم بدر وأحد، وأجازه يوم الخندق، وكان قليل النظير ومن أئمة الدين، ت سنة ٧٢هـ.
انظر في ترجمته: الاستيعاب لابن عبد البر ٢/٣٤١، الإصابة لابن حجر ٢/٣٤٧.

<<  <   >  >>