للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقفه من أبي البركات:

ومن أسباب ربط معتقد ابن تيمية رحمه الله باليهود: مناقشات ابن تيمية رحمه الله لأبي البركات البغدادي (ت - ٥٤٧هـ) رحمه الله، ونقله من كتابه (المعتبر في الحكمة) (١) .

وقد اشتهر بين الفلاسفة بـ (أوحد الزمان) ، كان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه، كما قال عنه القفطي (٢) : (أبو البركات: اليهودي في أكثر عمره، المهتدي في آخر أمره، أوحد الزمان طبيب فاضل) (٣) .

وذكر ابن أبي أصيبعة (٤) عنه بغضه لليهود بعد إسلامه فقال:

(كان يهودياً وأسلم بعد ذلك ... ولم يكن يقرئ يهودياً أصلاً ... وكان أوحد الزمان لما أسلم يتنصل كثيراً من اليهود ويلعنهم ويسبهم) (٥) .

وبهذا يتضح إسلام أبي البركات وبغضه لليهود من جهة، وعدم صلة ابن تيمية رحمه الله باليهود، إذ مناقشاته لرجل كان يهودياً فأسلم، وصار في عداد المسلمين (٦) .


(١) انظر: في نسبة هذا الكتاب لأبي البركات: إخبار العلماء للقفطي ص٢٢٤، عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة ص٣٧٦.
(٢) القفطي: علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أبو الحسن، كان عالماً متفنناً، جمع من الكتب شيئاً كثيراً، من مصنفاته: إخبار الحكماء بأخبار الحكماء، وإنباه الرواة على أنباه النحاة، ت سنة ٦٤٦هـ.
انظر في ترجمته: سير أعلام النبلاء للذهبي ٢٣/٢٢٧.
(٣) إخبار العلماء بأخبار الحكماء ص٢٢٤، وانظر: معجم البلدان لياقوت الحموي ٣/٥٥، بغية الوعاة للسيوطي ٢/٢١٢.
(٤) ابن أبي أصيبعة: أحمد بن القاسم بن خليفة الخزرجي، الطبيب المؤرخ، صاحب عيون الأنباء، توفي بصرخد سنة ٦٦٨هـ.
انظر في ترجمته: البداية والنهاية لابن كثير ١٣/٢٥٧، النجوم الزاهرة للأتابكي ٧/٢٢٩.
(٥) عيون الأنباء في طبقات الأطباء ص٣٧٤، ٣٧٦.
(٦) بعد أن بينت عدم صلة ابن تيمية باليهود، وأن ابن ملكا يعد في عداد المسلمين، يبقى العجب من الكوثري مستمراً - وهو ممن ألصق هذه التهمة بشيخ الإسلام - إذ هو أولى بأن يتهم بهذه التهمة، إذ حقق كتاباً لأحد اليهود اسمه (موسى بن ميمون) واسم الكتاب (المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته) ، وهذا اليهودي يذكر عنه القفطي (ت ٦٤٦هـ) في إخبار العلماء ص٢٠٩ - ٢١٠ (أنه أظهر الإسلام وأسر الكفر، ولما نزل بين يهود الفسطاط في مصر أظهر دينه) ، وقد اعترف الكوثري في مقدمة التحقيق بأن موسى بن ميمون يهودي، وأنه ألف كتابه تزلفاً للمسلمين، ونقل عن بعض المؤرخين: أن أبا البركات أسلم وحسن إسلامه. وبعد: فَمَن الأولى أن تلصق به تهمة الصلة باليهود: الذي يناقش المسلم في كتبه، أم الذي يحقق تراث اليهود ويخرجه للناس؟.

<<  <   >  >>