للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبقى القول بالتحريم هو القول الصحيح؛ لأنه الموافق للنصوص الخاصة المانعة من زيارة النساء للقبور، والحكمة - والله أعلم - أن المرأة ضعيفة، ناقصة عقل ودين، وهي قليلة الصبر، كثيرة الجزع فلا تتحمل مشاهدة قبور الموتى وزيارتهم، ثم إن زيارة القبور للنساء يؤدي إلى مخالفات أخرى باطلة كالتبرج والاختلاط، وهذا محذور منهي عنه في الشريعة، وهو من كبائر الذنوب (١) .

ويبقى إشكال في زيارة النساء للقبور، وهو أنه قد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه لعن زوارات القبور، فهل المراد باللعن لمن كررت الزيارة، وأما التي لا تزور إلا نادراً فلا تدخل تحت اللعن والنهي، أم الأمر بخلاف ذلك؟

والجواب عن هذا الإشكال من وجوه:

الأول: أن لفظ (زُوّارات) ، بضم الزاي المعجمة، وجمع هذا اللفظ: زُوار، وهو جمع: زائرة سماعاً.

الثاني: أن لفظ (زوارات) لو كان بالفتح، فتكون الصيغة دالة على النسب فمعنى زوارات القبور أي ذوات زيارة القبور، كما قال تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] .

الثالث: أن تصحيح حديث لعن زائرات القبور، يؤيد وينصر القول بالتحريم المطلق لزيارة النساء للقبور.

الرابع: سلمنا جدلاً على أن لفظ (زوارات) يدل على التضعيف، لكن هذا التضعيف يحمل على كثرة الفاعلين، لا على كثرة الفعل، فزوارات: يعني النساء إذا كن مائة كان فعلهن كثيراً.

والتضعيف باعتبار الفاعل موجود في اللغة العربية كما قال تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص: ٥٠] ، فلما كانت الأبواب كثيرة كان فيها التضعيف إذ الباب لا يفتح إلا مرة واحدة (٢) .


(١) انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي ١/١٦٥ - ١٦٦.
(٢) انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين ١/٤٤٢، جزء في زيارة النساء للقبور لبكر أبو زيد ص٢٤ - ٢٧.
وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٤/٣٤٣ - ٣٦١.

<<  <   >  >>