للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم (ت - ٧٥١هـ) رحمه الله في نونيته بعد أن بين أن شد الرحل لا يكون إلا للمساجد الثلاثة، وهو يبين الآن الزيارة الشرعية:

فإذا أتينا المسجد النبوي ... صلينا التحية أولاً ثنتان

بتمام أركان لها وخشوعها ... وحضور قلب فعل ذي الإحسان

ثم انثنينا للزيارة نقصد الـ ... ـقبر الشريف ولو على الأجفان

فنقوم دون القبر وقفة خاضع ... متذلل في السر والإعلان

وتفجرت تلك العيون بمائها ... ولطالما غاضت على الأزمان

وأتى المسلم بالسلام بهيبة ... ووقار ذي علم وذي إيمان

لم يرفع الأصوات حول ضريحه ... كلا ولم يسجد على الأذقان

كلا ولم يُر طائفاً بالقبر أسـ ... ـبوعاً كأن القبر بيت ثان

ثم انثنى بدعائه متوجها ... لله نحو البيت ذي الأركان

هذي زيارة من غدا متمسكاً ... لشريعة الإسلام والإيمان

من أفضل الأعمال هاتيك الزيا ... رة وهي يوم الحشر في الميزان

لا تلبسوا الحق الذي جاءت به ... سنن الرسول بأعظم البرهان

هذي زيارتنا ولم ننكر سوى الـ ... ـبدع المضلة يا أولي العدوان

وحديث شد الرحل نص ثابت ... يجب المصير إليه بالبرهان (١)

وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً كل سبت فيصلي فيه ركعتين (٢) ، ولذلك تسن زيارة مسجد قباء والصلاة فيه لمن جاء المدينة، أو من سكنها.

أما زيارة النساء قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال بعض الحنفية باستحبابها (٣) إلا أن الجمهور على المنع منها كالمنع من زيارتهن قبور غيره صلّى الله عليه وسلّم؛ لعموم الأدلة،


(١) انظر: نونية ابن القيم مع شرحها لهراس ٢/٢١٥ - ٢١٦.
(٢) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ٢/١٠١٦، كتاب الحج، باب فضل مسجد قباء.
(٣) انظر: حاشية ابن عابدين ٢/٦٢٦.

<<  <   >  >>