للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بك، فأخذه كله، فاستاقه، فلم يترك منه شيئاً، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون» (١) .

وينبه ابن تيمية رحمه الله إلى أن هذا النوع من التوسل المشروع هو أهم أنواعه الذي يوصل إلى سعادة الدنيا والآخرة فيقول: (التوسل بذلك - أي بالإيمان بالرسل وطاعتهم - إلى حصول ثواب الله وجنته ورضوانه فإن الأعمال الصالحة التي أمر بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم هي الوسيلة التامة إلى سعادة الدنيا والآخرة) (٢) .

ومما توسل به ابن تيمية رحمه الله من الأعمال الصالحة: محبة الصحابة، وآل البيت فقال في لاميته:

حب الصحابة كلهم لي مذهب ... ومودة القربى بها أتوسل (٣)

الثالث: التوسل إلى الله - عز وجل - بدعاء الرجل الصالح:

قال أنس بن مالك (ت - ٩٣هـ) رضي الله عنه: (أصابت الناس سنة على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، فبينا النبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب قائماً في يوم الجمعة، قام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال فادع الله لنا، فرفع يديه يدعو، وما نرى في السماء قزعة (٤) ، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته صلّى الله عليه وسلّم، فمطرنا


(١) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٤/٤٤٩ كتاب الإجارة، باب من استأجر أجيراً فترك أجره.
ومسلم في صحيحه، كتاب الأذكار رقم ٢٧٤٣.
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص٢٤١.
(٣) انظر: لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (ضمن اللآلي البهية في شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية للمرداوي ص١٣) .
(٤) القَزَعة: القزع: قطع من السحاب رقاق، كأنها ظل إذا مرت من تحت السحابة الكبيرة، وهي قطعة من الغيم.
انظر: لسان العرب لابن منظور ٨/٢٧١ مادة (قزع) ، القاموس المحيط للفيروزآبادي ٣/٧٠ مادة (قزع) .

<<  <   >  >>