للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعجب ابن تيمية رحمه الله من كثير من الناس الذين نهوا عن الصلاة عند القبور سداً لذريعة الشرك، ثم هو يقصد الدعاء عندها، ويرى أن الدعاء عندها مظنة الإجابة، فكيف بمن يدعو صاحب القبر من دون الله (١) ؛ ولذا لم يكن الصحابة يطلبون من الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد موته الدعاء، ولا يدعونه من دون الله (٢) .

إن دعاء الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم وفي مغيبهم: هو من الدين الذي لم يشرعه الله، ولا ابتعث به رسولاً، ولا أنزل به كتاباً، وقد قال الله عزّ وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ} [الشورى: ٢١] ، وهذا الأمر ليس واجباً، ولا مستحباً باتفاق المسلمين، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين (٣) .

وأما مسألة حياة الأنبياء في قبورهم، فقد بينت - سابقاً - القول الصواب فيها، وأنها حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء في قبورهم، لكنها ليست كالحياة الدنيوية.

وأما ما يروى من توسل الشافعي (ت - ٢٠٤هـ) رحمه الله بأبي حنيفة (ت - ١٥٠هـ) رحمه الله فهذه: -

١- حكاية كغيرها من الحكايات التي تروى عن مجاهيل لا يعرفون، ليس لها أصل ولا سند.

٢ - أن الشافعي (ت - ٢٠٤هـ) لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده ألبته، ولم يكن هذا العمل معروفاً على عهد الشافعي (ت - ٢٠٤هـ) .

٣ - أن الشافعي (ت - ٢٠٤هـ) رحمه الله قد رأى بالحجاز واليمن والشام والعراق وغيرها من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة (ت - ١٥٠هـ) وأمثاله من العلماء، فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده.


(١) انظر: قاعدة عظيمة ص٥٧.
(٢) انظر: قاعدة عظيمة لابن تيمية ص١٢٨.
(٣) انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص٢٥.

<<  <   >  >>