للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستدلون لذلك بحديث عثمان بن حُنيف (١)

رضي الله عنه أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: «إن شئتَ دعوت لك، وإن شئتَ أخرت ذاك، فهو خير، فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، لتقضى لي، اللهم فشفعه فيّ» ، قال: ففعل الرجل، فبرىء (٢) .

والحال الثالث: التوسل به صلّى الله عليه وسلّم في البرزخ كالتوسل به وهو في قبره، ويستدلون لذلك بحديث دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم لأم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومنه قوله: (اللهم بحق نبيك، والأنبياء الذين قبلي) (٣) .

قال ابن حجر الهيتمي (ت - ٩٧٣هـ) في بيان الدلالة الثانية: من الحديث (الثانية في التوسل به بعد وفاته؛ لأن قوله صلّى الله عليه وسلّم: والأنبياء الذين من قبلي، معطوف على نبيك، وهي دلالة ظاهرة في التوسل بهم بعد وفاتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فالتوسل به صلّى الله عليه وسلّم بعد وفاته أولى) (٤) .

وحديث عائشة (ت - ٥٨هـ) رضي الله عنها حين قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إليها، فقالت: انظروا قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون


(١) عثمان بن حنيف بن واهب بن الحكيم الأنصاري الأوسي، أول مشاهده أحد، وقال الترمذي: (شهد بدرا) ، استعمله علي على البصرة قبل أن يقدم عليها، سكن الكوفة، ومات في خلافة معاوية.
انظر في ترجمته: الاستيعاب لابن عبد البر ٣/٨٩، الإصابة لابن حجر ٢/٤٥٩.
(٢) الحديث أخرجه النسائي في اليوم والليلة ص٤١٧، وابن ماجه في سننه ١/٤٤١ كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في صلاة الحاجة، وأحمد في مسنده ٤/١٣٨ من حديث عثمان بن حنيف، والحاكم في مستدركه ١/٣٦٣ كتاب صلاة التطوع، والبيهقي في دلائل النبوة ٦/١٦٦ - ١٦٨، باب في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه، وصححه الألباني كما في صحيح سنن ابن ماجه ١/٢٣٢.
(٣) الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية ٣/١٢١، وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوائد للهيثمي ٩/٢٥٧.
(٤) تحفة الزوار ص١١١.

<<  <   >  >>