للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكان كل أعمى من الصحابة، ومن بعدهم، إلى هذا الزمان، يتوسل إلى الله بذات النبي صلّى الله عليه وسلّم، وجاهه، وحقه عند الله، ولن يبقى بعد ذلك أعمى.

كما قال ابن تيمية رحمه الله: (لو كان أعمى (١) توسل به، ولم يدع له الرسول بمنزلة ذلك الأعمى، لكان عميان الصحابة، أو بعضهم يفعلون مثل ما فعل الأعمى) (٢) .

وقال: (ولو أن كل أعمى دعا بدعاء ذلك الأعمى، وفعل كما فعل من الوضوء والصلاة بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلّم وإلى زماننا هذا لم يوجد على وجه الأرض أعمى) (٣) .

وفي الجملة: فإن الذي يرى أن توسل الأعمى بالرسول المقصود به دعاء الرسول فهو الموافق لمعنى الحديث، وهو العامل به على الحقيقة، كما يقول ابن تيمية رحمه الله: (فإنا بالحديث عاملون، وله موافقون، وبه عالمون، والحديث ليس فيه إلا أنه طلب حاجته من الله عزّ وجل، ولم يطلبها من مخلوق، ونحن إلى الله - تعالى - نرغب، وإياه نسأل، فهو المدعو المسؤول، كما أنه المعبود المستعان لا نشرك به شيئاً (٤) ، وقد قال - تعالى -: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر: ١٥] .

وأما الحال الثالث: وهو التوسل به صلّى الله عليه وسلّم وهو في قبره في الحياة البرزخية، - أي بعد مماته - فلم يكن أحد من الصحابة يتوسل به بعد موته صلّى الله عليه وسلّم، ولم ينقل هذا عن أحد من الأئمة نقلاً صحيحاً، كما صرح بهذا ابن تيمية رحمه الله مراراً (٥) .


(١) في الرد على البكري ص١٣٠ لو كان كل أعمى، وزيادة لفظة كل تستقيم بها الجملة.
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص٢٦٠.
(٣) الرد على البكري ص١٣٠.
(٤) الرد على البكري ص١٣٠ - ١٣١.
(٥) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١/١٣٩ الفتاوى الكبرى ١/٣٤٩، ٤/٣٦٥، الرد على البكري ص٣٤٩، ٣٤١، قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص٢٧، ٢١٠، ٢٤٥، ٢٦٠.

<<  <   >  >>