للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم، وقد جف لسانه في فمه هيبة منه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم) .

وقال: ولقد رأيت الزهري (١) وكان من أهنأ الناس وأقربهم، فإذا ذكر عنده النبي صلّى الله عليه وسلّم فكأنه ما عرفك، ولا عرفته (٢) .

وأما موقف ابن تيمية رحمه الله من الصحابة فهو موقف التعظيم والتقدير، فيعتقد أن محبتهم من الإيمان، ويعتقد أنهم خيار المؤمنين فقال: (وأصحاب رسول صلّى الله عليه وسلّم خيار المؤمنين، كما ثبت عنه أنه قال: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (٣) ، وكل من رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مؤمناً به فله من الصحبة بقدر ذلك) (٤) .

ويعتقد أنهم أكمل الناس عقلاً، وأصحهم معرفة وعلما، فقال: (فهل سُمع في الأولين والآخرين بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بقوم كانوا أتم عقولاً، وأكمل أذهاناً، وأصح معرفة، وأحسن علماً من هؤلاء؟ - أي الصحابة -) (٥) ، وسأتحدث عن موقفه من الصحابة بشيء من التفصيل في الفصل القادم - إن شاء الله -.

ومن جهة أخرى: فقد حذر القرآن عن اتخاذ أولياء من دون الله بإعطائهم منزلة مثل منزلة الباري - عز وجل - في صرف بعض أنواع العبادة لهم كالاستغاثة، والدعاء وغيرهما، فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ


(١) الزهري: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري القرشي، أبو بكر، تابعي جليل، أحد أكابر الحفاظ والفقهاء. نزل الشام واستقر بها، ت سنة ١٢٤هـ.
انظر في ترجمته: حلية الأولياء لأبي نعيم ٣/٣٦٠، تهذيب التهذيب لابن حجر ٩/٤٤٥.
(٢) انظر: الشفا للقاضي عياض (ضمن شرحيه ٣/١٣٩٩ - ٤٠١، ٤٠٤) وانظر: نقل شيخ الإسلام عنه في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص١٢٠ - ١٢١.
(٣) سبق تخريجه ص١٠٥.
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية ٣٥/٥٩.
(٥) درء تعارض العقل والنقل ٥/٩٦، وانظر ص٧٢.

<<  <   >  >>