للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للناس، ولازم ذلك أن يكون ترك الناس بلا رسالة خيراً لهم منها (١) .

٢ - نفي التعارض بين نصوص الكتاب ونصوص السنة: فهما وحي من الله عزّ وجل كما قال سبحانه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤] ، وقال عزّ وجل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ} [الزمر: ٢٣] ، وقال: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء: ٨٢] ، وبين ابن تيمية رحمه الله أن كلام الله متشابه متماثل، يصدق بعضه بعضاً، فإذا أمر بأمر لم يأمر بنقيضه في موضع آخر، وإذا نهى عن شيء لم يأمر به في موضع آخر، بل ينهى عنه.

وكذلك إذا أخبر بثبوت شيء لم يخبر بثبوت نقيض ذلك، وإذا أخبر بنفي شيء لم يثبته بل ينفيه، أو ينفي لوازمه (٢) .

وقد بيّن رحمه الله أن النصوص لا تتعارض في نفس الأمر، إلا في الأمر والنهي إذا كان أحدهما ناسخاً، والآخر منسوخاً، وأما الأخبار فلا يجوز تعارضها.

وأما إذا تعارض عند أحد خبران أو أمران أحدهما عام والآخر خاص، وقُدّم الخاص على العام، فإنه يعلم أن ذلك ليس بتعارض في الحقيقة.

وإذا كان في كلام الله ورسوله كلام مجمل أو ظاهر قد فُسر معناه أو بينه كلام آخر متصل به، أو منفصل عنه، لم يكن في هذا خروج عن كلام الله ورسوله، ولا عيب في ذلك ولا نقص ... (٣) .

٣ - نفي التعارض بين نصوص الشرع وبين العقل: وهذا الموضوع قد أسهب في بيانه ابن تيمية رحمه الله عرضاً ورداً، بل يمكن القول: إن أكثر مناقشاته للمتكلمين كانت في بيان هذه المنهجية الفاصلة بين أهل السنة وبين مخالفيهم،


(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل ١/٥٨، الفتوى الحموية الكبرى ص٢١ - ٢٣.
(٢) انظر: التدمرية ص١٠٤.
(٣) انظر: درء تعارض العقل والنقل ٥/٢٣١ - ٢٣٣.

<<  <   >  >>