للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا فإن الواجب هو الأخذ بظواهر النصوص في باب الاعتقاد، واعتقاد أنها هي المرادة؛ لأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من غيره، وقد خاطبنا - سبحانه - باللسان العربي المبين: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥] ، فوجب قبوله على ظاهره، وأن المعنى الظاهر المتبادر إلى الذهن هو المراد (١) .

ويتبع القول بالأخذ بظواهر النصوص: النهي عن التأويل المحدث عند المتأخرين الذي يصرفون فيه حقائق النصوص إلى غيرها، هروباً من الأخذ بظواهر النصوص إلى صرفها عن ظاهرها لمعنى آخر بدون قرينة تدل عليه، ففي نصوص الصفات أوّل المتكلمون هذه النصوص؛ خشية التشبيه بالمخلوقات، فوقعوا في تشبيه أشد منه وهو التشبيه بالمعدومات أو الممتنعات، يقول رحمه الله: (أما التأويل بمعنى صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف، وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله ورسوله، التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل) (٢) .

٥ - الأخذ بأحاديث الآحاد في باب الاعتقاد: خبر الواحد يفيد العلم عند أهل السنة والجماعة إذا صحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويتلقى بالقبول، ويعمل به بدون تفريق بين العقائد وبين الأحكام التشريعية الفقهية، ومن الأدلة على قبول خبر الواحد، قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢] ، وحين أراد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يرسل إلى اليمن من


(١) انظر: القواعد المثلى لابن عثيمين ص٣٣ - ٤٩.
(٢) الصفدية ١/٢٩١، وانظر: موقف الإمام ابن تيمية من قضية التأويل للجليند، ظاهرة التأويل وصلتها باللغة للسيد عبد الغفار، منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة لعثمان حسن ١/٣٩١ - ٤٣٦، ٢/٤٣٧ - ٤٧٠، ٥٣١ - ٥٧٦.

<<  <   >  >>