للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحب إلي أن أصل من قرابتي) (١) .

وقد توقف رحمه الله في كلام نفيس له حول أفضلية أهل البيت على غيرهم ممن هو دونهم؛ بأنه ليس للنسب فقط - وإن كان النسب له اعتبار - وإنما لاجتماع النسب مع الإيمان والتقوى، كما قال الله عزّ وجل عن آل الأنبياء بعد ذكره جملة منهم: {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الأنعام: ٨٧] ، فحصول الفضيلة لهم كان بمجموع الأمرين: هدايتهم إلى الصراط المستقيم، واجتباؤهم وتفضيلهم على غيرهم في النسب، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» (٢) ، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» (٣) .

يقول رحمه الله: (لا ريب أن لآل محمد صلّى الله عليه وسلّم حقاً على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش، كما أن قريشاً يستحقون من المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل.. وأما نفس ترتيب الثواب والعقاب على القرابة، ومدح الله عزّ وجل للشخص المعين، وكرامته عند الله تعالى فهذا لا يؤثر فيه النسب، وإنما يؤثر فيه الإيمان والعمل الصالح، وهو التقوى، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] .. وهذا لا ينافي ما ذكرناه من أن بعض الأجناس والقبائل أفضل من بعض، فإن هذا التفضيل معناه كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الناس


(١) سبق تخريجه ص٥٠٥.
(٢) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٦/٥٢٥ كتاب المناقب، باب يا أيها الناس إنا خلقناكم، ومسلم في صحيحه ٤/٢٠٣١ - ٢٠٣٢ كتاب البر والصلة، باب الأرواح جنود مجندة.
(٣) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ٤/١٧٨٢ كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي، والترمذي في سننه ٥/٥٨٣ كتاب المناقب، باب في فضل النبي صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <   >  >>