كتاب دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد

المبحث الثالث دعوى تكلف شيخ الإسلام الغمز على أهل البيت، وتعمية مناقبهم، ومناقشتها - المطلب الثاني مناقشة الدعوى - ص: 552

يقول ابن تيمية رحمه الله بعد ذكره بعض فضائل علي، ومنها هذه الفضيلة: (فهذه الأمور ليست من خصائص علي، لكنها من فضائله ومناقبه التي تعرف بها فضيلته، واشتهر رواية أهل السنة لها، ليدفعوا بها قدح من قدح في علي، وجعلوه كافراً أو ظالماً، من الخوارج وغيرهم) (١) .

جـ - أن القول بأنه أشجع الناس، أو أن من خصائصه أنه لم ينهزم قط، فهذا ليس بصحيح، فإن أشجع الناس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما في الصحيحين عن أنس (ت - ٩٣هـ) رضي الله عنه قال: (كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فتلقاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت، وهو يقول: «لم تراعوا» (٢) .

وعن علي (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه قال: (كنا إذا احمر البأس ولقي القوم اتقينا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه) (٣) ،

ثم استعرض شيخ الإسلام رحمه الله شجاعة الخلفاء الثلاثة قبله، وشجاعة غيره من الصحابة بعد أن بين أن الشجاعة تفسر بشيئين:

(أحدهما: قوة القلب وثباته عند المخاوف، والثاني: شدة القتال بالبدن ... ) (٤) .

ويقول ابن تيمية رحمه الله عن تخصيصه بأنه لم يهزم: (هو في ذلك كأبي بكر

---

(١) منهاج السنة النبوية ٤/٣٧١.
(٢) أخرج الحديث البخاري في صحيحه ٦/٩٥ كتاب الجهاد، والسير، باب الحمائل وتعليق السيف، ومسلم في صحيحه ٤/١٨٠٢ - ١٨٠٣، كتاب الفضائل، باب شجاعة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وابن ماجه في سننه ٢/٩٢٦ كتاب الجهاد باب الخروج في النفير بلفظ (لن تراعوا) .
(٣) الحديث أخرجه أحمد في مسنده ١/١٥٦ من حديث علي رضي الله عنه وأبو يعلى في مسنده ١/٢٥٨، وصحح إسناده الأرناؤوط في تحقيقه مسند الإمام أحمد ٢/٤٥٣ - ٤٥٤.
(٤) منهاج السنة النبوية ٨/٧٧.