للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المارقون، والرافضة شر منهم، فلو أنكرت الخوارج السب لكان تناقضاً منها، فكيف إذا أنكرته الرافضة؟

ولا ريب أنه لا يجوز سب أحد من الصحابة: لا علي ولا عثمان ولا غيرهما، ومن سب أبا بكر وعمر وعثمان فهو أعظم إثماً ممن سب علياً ... ) (١) .

وقال رحمه الله: (وإن قالوا بجهلهم: إن هذا الذنب (٢) كفر، ليكفروا بذلك أبا بكر، لزمهم تكفير علي، واللازم باطل فالملزوم مثله، وهم دائماً يعيبون أبا بكر وعمر وعثمان، بل ويكفرونهم بأمور قد صدر من علي ما هو مثلها، أو أبعد عن العذر منها، فإن كان مأجوراً أو معذوراً فهم أولى بالأجر والعذر) (٣) .

وبيّن رحمه الله وسطيته في موقفه من الصحابة بين الخوارج والرافضة فقال: (وإذا كنا ندفع من يقدح في علي من الخوارج، مع ظهور هذه الشبهة (٤) ، فلأن ندفع من يقدح في أبي بكر وعمر بطريق الأولى والأحرى.

وإن جاز أن يظن بأبي بكر أنه كان قاصداً للرئاسة بالباطل، مع أنه لم يعرف منه إلا ضد ذلك، فالظن بمن قاتل على الولاية - ولم يحصل مقصوده - أولى وأحرى ... فإذا كنا نظن بعلي أنه كان قاصداً للحق والدين، وغير مريد علواً في الأرض ولا فساداً، فظن ذلك بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما أولى وأحرى..

أما أن يقال: إن أبا بكر كان يريد العلو في الأرض والفساد، وعلي لم يكن يريد علواً في الأرض ولا فساداً، مع ظهور السيرتين، فهذا مكابرة، وليس فيما تواتر من السيرتين ما يدل على ذلك..) (٥) .


(١) منهاج السنة النبوية ٤/٤٦٨.
(٢) أي إيذاء فاطمة رضي الله عنها بنت الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) منهاج السنة النبوية ٤/٢٥٣.
(٤) في القتال الدائر بين الصحابة في عهد علي رضي الله عنه.
(٥) منهاج السنة النبوية ٧/٤٥٤ - ٤٥٥، ويلاحظ أن أكثر النصوص التي يزعم الرافضة أن ابن تيمية رحمه الله يبغض فيها علياً رضي الله عنه إنما هي من منهاج السنة، وهذا الكتاب رد على الرافضة، فأغلب النصوص التي فيها مقارنة علي بغيره هي في هذا الكتاب من باب الإلزام وإقامة الحجة على المخالف، ويكون في المناظرة والرد ما لا يكون في ابتداء الكلام والعرض.

<<  <   >  >>