للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموضوعات والواهيات (١) .

إن شيخ الإسلام رحمه الله كان يكتب كثيراً من مؤلفاته من حفظه، فقد لا تكون مراجعه قريبة منه إما لسفر، أو سجن أو غيره (٢) ، وقد اعتذر الحافظ ابن حجر (ت - ٨٥٢هـ) رحمه الله - عنه لابن تيمية رحمه الله - في أخطائه على أنه يكتب من حفظه، والإنسان بشر طبيعته النسيان بقوله: (لكنه رد في رده كثيراً من الأحاديث الجياد التي لم يستحضر حالة التصنيف مظانها؛ لأنه كان لاتساعه في الحفظ يتكل على ما في صدره، والإنسان عامد للنسيان) (٣) .

إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مع إجماع أهل العلم على إمامته في كثير من العلوم والفنون، وتمكنه منها، لم يسلم من بعض الأوهام والأخطاء - كغيره من أهل العلم - وهذه الأوهام اليسيرة، والأخطاء القليلة لا تلغي إمامته، ولا تبعد به عن مصاف كبار العلماء المحدثين ونقاد الحديث، ولكنه نقص البشر الذي لا يسلم منه أحد. وقد نقل ابن ناصر الدين (ت - ٨٤٢هـ) رحمه الله عن أحد تلامذة الشيخ قوله: (وحسب شيخنا مع اتساعه في كل العلوم إلى الغاية والنهاية، سمعاً وعقلاً، ونقلاً وبحثاً، أن يكون نادر الغلط) (٤) .

وأما الأحاديث المنتقدة على ابن تيمية رحمه الله التي مر ذكرها في المطلب الأول من هذا المبحث، فيحسن بي أن أبين رأي شيخ الإسلام فيها، وهل ادعاء المناوئين عليه صحيح أم هو جناية عليه؟، وذلك يتضح أثناء عرض موقف ابن تيمية رحمه الله من هذه الأحاديث.


(١) انظر: لسان الميزان ٦/٣١٩.
(٢) انظر: على سبيل المثال على أنه يكتب من حفظه: الفرقان بين الحق والباطل ص١٠١، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ٥/١٨٤، وانظر: بعض الأمثلة في أوهامه رحمه الله في الحديث: شيخ الإسلام ابن تيمية وجهوده في الحديث وعلومه للفريوائي ١/٦٩ - ٧٠.
(٣) لسان الميزان ٦/٣١٩، وانظر: منهج ابن تيمية في نقد الحديث للفريوائي (ضمن بحوث الندوة العالمية عن حياة شيخ الإسلام ابن تيمية ص٢٩٤) .
(٤) الرد الوافر ص٩٦.

<<  <   >  >>