للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنافقون بهذا السبب، فبين له أني لم أستخلفك لنقص عندي، فإن موسى استخلف هارون، وهو شريكه في الرسالة، أفما ترضى بذلك؟) (١) .

وكان هذا الحديث كأنه تسلية لعلي (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه حين توهم أن الاستخلاف نقص بقوله: أتخلفني مع النساء والصبيان؟، وأما من استخلفه الرسول صلّى الله عليه وسلّم على المدينة غيره لما لم يتوهموا أن في الاستخلاف نقصاً لم يحتج أن يخبرهم بمثل هذا الكلام، وليس في الحديث دلالة على أن غيره لم يكن منه بمنزلة هارون من موسى (٢) .

وإن قيل: إن استخلافه صلّى الله عليه وسلّم لأحد يدل على أنه أفضل الصحابة بإطلاق، فيلزم من ذلك أن يكون علي (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه مفضولاً في عامة الغزوات، وفي عمرته وحجته، لا سيما وكل مرة كان يكون الاستخلاف على رجال المؤمنين، وأما عام تبوك، فلم يكن الاستخلاف إلا على النساء والصبيان، ومن عذر الله، أو من هو متهم بنفاق (٣) .

يقول ابن تيمية رضي الله عنه: (فبين النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الاستخلاف ليس نقصاً، ولا غضاضة، فإن موسى استخلف هارون على قومه لأمانته عنده، وكذلك أنت استخلفتك لأمانتك عندي، لكن موسى استخلف نبياً، وأنا لا نبي بعدي، وهذا تشبيه في أصل الاستخلاف..) (٤) .

وأما الحديث الخامس وهو حديث المؤاخاة: فيرى أنه باطل موضوع، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يؤاخ بين مهاجري ومهاجري، قال رحمه الله: (أما حديث المؤاخاة فباطل موضوع، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يؤاخ أحداً، ولا آخى بين


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٤/٤١٦، وانظر: منهاج السنة النبوية ٧/٣٢٨.
(٢) انظر: منهاج السنة النبوية ٥/٤٣، وانظر: ٧/٣٣٢.
(٣) انظر: منهاج السنة النبوية ٥/٣٤ - ٣٥.
(٤) منهاج السنة النبوية ٥/٤٣، وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ٤/٤٠٤، وانظر: ص٤١٦، منهاج السنة النبوية ٧/٣٢٨ - ٣٤٠.

<<  <   >  >>