للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد فعلوا، فكفروه رحمه الله ووجهوا إليه رحمه الله تُهماً في شخصه، ومنهجه، وعقيدته، وانتقدوه في مسائل علمية أخرى، فكانت بعض التُّهم والدعاوى قد وجهت إليه في حياته، فأسهم بنصيب وافر في بيان قوله، والاستدلال له وربطه بمنهج السلف ناقلاً عنهم، ومناقشاً شُبه الخصوم، ومبيناً ضعفها وعوارها، مع علمه رحمه الله بمناهج المخالفين، وأسباب تلك المخالفة؛ ولذا فقد نظر رحمه الله إلى هذه المخالفة من الجانب الإيجابي، مبيناً أن وجود المناوئين والمخالفين لعقيدة السلف، والرد عليهم، هو باب من أبواب ظهور الدين وانتشاره، قال رحمه الله: (من سنة الله: أنه إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه، فيحق الحق بكلماته، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) (١) .

واستمرت الردود والدعاوى ضد ابن تيمية رحمه الله بعد وفاته إلى هذا العصر، وهذا من سنة الله عزّ وجل في الحياة أن يستمر الصراع بين الحق والباطل، ومن صور استمرار هذا الصراع: أن يشكك أهل الباطل بنقلة الحق وأعلامه وأئمته، ثم التشكيك والقدح بما يحملون وما يبلغون من عقائد وعلوم، حتى لا يبقى لأهل الباطل إلا باطلهم، ومن أبرز حملات أهل الباطل على عقيدة السلف: قدحهم في ابن تيمية رحمه الله والرد عليه فألفوا المؤلفات، وكتبوا الردود والرسائل، وملؤوا الكتب بالحواشي التي ملؤوا بها زيفهم وضلالهم تجاه هذا العَلَم، وتجاه عقيدة السلف الصالح، واستنفروا شعراءهم، فكان لسلف أهل الباطل تلامذة واصلوا بث الحقد على شيخ الإسلام، وعلى منهجه، وزادوا وأوغلوا في الضلالة، ونشروا بين الناس ما كان مغموراً من ردود ومناقشات بين شيخ الإسلام رحمه الله ومخالفيه، وقامت مؤسسات لأهل الباطل، ودور نشر همها الرد على عقيدة السلف، فكان لزاماً على أهل الحق أن يقوموا بواجبهم تجاه أهل الضلال ليردوا كيدهم في نحورهم، وليعيدوهم خائبين، ببيان الحجة، ونقد الشبهة بمنهج علمي معتدل، فكانت هذه الرسالة جهداً من


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٨ - ٥٧، وانظر العقود الدرية لابن عبد الهادي ص٣٦٤.

<<  <   >  >>