للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: مما يدل على أن ابن تيمية رحمه الله وابن القيم (ت - ٧٥١هـ) رحمه الله لم يقولا بفناء النار أنه لم ينقل أحد من تلامذتهما عنهما هذا القول، ولم يقل به أحد منهم، وتلاميذهما علماء محققون وهم كُثُر، ومن الأمثلة على ذلك أن الإمام الذهبي (ت - ٧٤٨هـ) رحمه الله لما ذكر سيرة ابن برهان (١) ،

وهو من القائلين بفناء النار من علماء القرن الخامس (٢) ، ردّ عليه وقال: قلت: (حجته في خروج الكفار هو مفهوم العدد من قوله: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} [النبأ: ٢٣] ، ولا يتفق ذلك لعموم قوله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: ١٦٧] ولقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [النساء: ١٦٩] إلى غير ذلك) ثم ذكر أنه أفرد بحث هذه المسألة في جزء (٣) .

وكذلك الحافظ ابن كثير (ت - ٧٧٤هـ) رحمه الله لما ذكر في ترجمة ابن برهان (ت - ٤٥٦هـ) قوله بفناء النار، نقل كلاماً لابن الجوزي (ت - ٥٩٧هـ) مرتضياً له في أن القول بهذا يخالف اعتقاد المسلمين (٤) .

وقال الحافظ ابن رجب (ت - ٧٩٥هـ) رحمه الله: (وعذاب الكفار في النار لا يفتر عنهم، ولا ينقطع، ولا يخفف بل هو متواصل أبداً) (٥) .

وقال: (ولا يزال أهل جهنم في رجاء الفرج إلى أن يذبح الموت، فحينئذ يقع منهم الإياس، وتعظم عليهم الحسرة والحزن) (٦) .

وفي مقابل ذلك لم نجد من التلامذة من يذكر قولاً لابن تيمية رحمه الله في فناء النار، ولا رداً عليه في أي من كتبهم.


(١) ابن برهان: عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري، أبو القاسم، العلامة، شيخ العربية، كان يميل إلى مذهب مرجئة المعتزلة، ت سنة ٤٥٦هـ.

انظر في ترجمته: سير أعلام النبلاء للذهبي ١٨/١٢٤، شذرات الذهب لابن العماد ٣/٢٩٧.
(٢) وهذه المعلومة من فوائد الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله -.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٨/١٢٦.
(٤) انظر: البداية والنهاية ١٢/٩٢.
(٥) التخويف من النار ص١٩٤.
(٦) التخويف من النار ص٢٠٨.

<<  <   >  >>