للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدر منه تجاه ابن تيمية رحمه الله كتب أبو الحسن السبكي (ت - ٧٥٦هـ) جواباً يعتذر فيه، ومما قاله في الاعتراف بذكائه قوله: (أما قول سيدي في الشيخ، فالمملوك يتحقق كبر قدره، وزخارة بحره، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف..) (١) .

٩ - إطلاق ألفاظ الكفر: وقد كثرت مقولات السب والشتم على ابن تيمية رحمه الله من قبل مناوئيه ومخالفيه، حتى تجاوزوا فأطلقوا أن ألفاظه كفرية، وأنه لا يقول بها إلا كافر، وتمادوا فأطلقوا عليه أحكاماً بالكفر، وأنه لا دين له، وأنه من المشركين، والملاحدة، واتهامه بالخروج من الدين (٢) .

هذه أبرز معالم منهج المخالفين لابن تيمية رحمه الله تجاهه، وإذا أردنا تتبع أسباب هذا الهجوم المتواصل منذ وفاة شيخ الإسلام إلى هذا العصر، فيمكننا معرفة أهم هذه الأسباب وأشهرها، وهي كالتالي:

أ - الخلاف العقدي: وهذا - في نظري - أبرز الأسباب وأقواها، فشيخ الإسلام رحمه الله جاهد البدعة، وقمعها، ونصر السنة وأيّدها، بكل ما يملك من إمكانات: بالفتوى، والرسالة، والكتب الكبار التي تبين خطر المذاهب البدعية، وترد على أعلامها، وبالمناظرة والحوار، وجاهدهم بالنفس - أيضاً -، وذلك لمعرفته رحمه الله بخطرهم، ونخرهم في جسم الأمة، فجاهد أهل الكلام بجميع طوائفهم وفرقهم، ورد على المتصوفة وجميع فرق الباطنية (٣) ، وهدم


(١) انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ٢/٣٩٢ - ٣٩٣، الرد الوافر لابن ناصر الدين ص١٠٠.
(٢) انظر: دفع شبه من شبه وتمرد للحصني ٣٨، ٤٥، ١٠٧، حاشية الكوثري على السيف الصقيل للسبكي ص١٦٧، تحقيق السقاف لدفع شبه التشبيه لابن الجوزي ص٢٤٥، البرهان الجلي لأحمد الغماري ص٥٥ - ٥٦، المقالات السنية للحبشي ص٧٠ - ٧١.
(٣) الباطنية: تيار يضم مجموعة من الفرق، ينظمها القول بأن للنصوص ظاهراً وباطناً، وأن المقصود هو علم الباطن، وكان من أول من قال بهذا في الإسلام: عبد الله بن ميمون القداح، ومحمد بن الحسين الملقب بدندان.
انظر: الفرق بين الفرق للبغدادي ص٢٨١ - ٣١٢، التبصير في الدين للإسفراييني ص١٤٠ - ١٤٧، الملل والنحل للشهرستاني تحقيق بدران ١/١٧٠ - ١٧٨.

<<  <   >  >>