للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في فتح الباري (١٠

٤٧٩ ـ ٤٨٠) بَاب قَوْل اللَّه تَعَالَى {إِنَّ اللَّه يَأْمُر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} الْآيَة

وَقَالَ اِبْن التِّين: يُسْتَفَاد مِنْ الْآيَة الْأُولَى أَنَّ دَلَالَة الِاقْتِرَان ضَعِيفَة، لِجَمْعِهِ تَعَالَى بَيْنَ الْعَدْل وَالْإِحْسَان فِي أَمْر وَاحِد، وَالْعَدْل وَاجِب وَالْإِحْسَان مَنْدُوب. قُلْت: وَهُوَ مَبْنِيّ عَلَى تَفْسِير الْعَدْل وَالْإِحْسَان، وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمُرَاد بِهِمَا فِي الْآيَة فَقِيلَ: الْعَدْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه، وَالْإِحْسَان الْفَرَائِض. وَقِيلَ: الْعَدْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه، وَالْإِحْسَان الْإِخْلَاص. وَقِيلَ: الْعَدْل خَلْع الْأَنْدَاد، وَالْإِحْسَان أَنْ تَعْبُد اللَّه كَأَنَّك تَرَاهُ. وَهُوَ بِمَعْنَى الَّذِي قَبْله. وَقِيلَ: الْعَدْل الْفَرَائِض، وَالْإِحْسَان النَّافِلَة وَقِيلَ: الْعَدْل الْعِبَادَة، وَالْإِحْسَان الْخُشُوع فِيهَا. وَقِيلَ الْعَدْل الْإِنْصَاف، وَالْإِحْسَان التَّفَضُّل. وَقِيلَ: الْعَدْل اِمْتِثَال الْمَأْمُورَات، وَالْإِحْسَان اِجْتِنَاب الْمَنْهِيَّات. وَقِيلَ: الْعَدْل بَذْل الْحَقّ، وَالْإِحْسَان تَرْك الظُّلْم. وَقِيلَ: الْعَدْل اِسْتِوَاء السِّرّ وَالْعَلَانِيَة، وَالْإِحْسَان فَضْل الْعَلَانِيَة. وَقِيلَ: الْعَدْل الْبَذْل، وَالْإِحْسَان الْعَفْو. وَقِيلَ: الْعَدْل فِي الْأَفْعَال، وَالْإِحْسَان فِي الْأَقْوَال. وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ. وَأَقَرَّ بِهَا لِكَلَامِهِ الْخَامِس وَالسَّادِس. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ: الْعَدْل بْين الْعَبْد وَرَبّه بِامْتِثَالِ أَوَامِره وَاجْتِنَاب مَنَاهِيه، وَبَيْنَ الْعَبْد وَبَيْنَ نَفْسه بِمَزِيدِ الطَّاعَات وَتَوَقِّي الشُّبُهَات وَالشَّهَوَات، وَبَيْنَ الْعَبْد وَبَيْنَ غَيْره بِالْإِنْصَافِ. اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.

<<  <   >  >>