للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الاستدلال بالاقتران: فهو ضعيف إلا أنه في هذا المكان قوي لأن لفظة الفطرة لفظة واحدة استعملت في هذه الأشياء الخمسة فلو افترقت في الحكم - أعني أن تستعمل في بعض هذه الأشياء بإفادة الوجوب وفي بعضها بإفادة الندب - لزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين مختلفين وفي ذلك ما عرف في علم الأصول وإنما تضعف دلالة الاقتران ضعفاً إذا استقلت الجمل في الكلام ولم يلزم منه استعمال اللفظ الواحد في معنيين كما جاء في الحديث: «لا يَبُولَنَّ أحدُكُم في المَاءِ الدائِمِ ولا يَغْتَسِل فِيهِ مِنَ الجَنَابَةِ» حيث استدل به بعض الفقهاء على أن اغتسال الجنب في الماء يفسده لكونه مقروناً بالنهي عن البول فيه والله أعلم (١) اهـ

[بحث في تحقيق معنى السنة]

السنة هي الطريقة يقال سننت له كذا أي شرعت فقوله الختان سنة للرجال أي مشروع لهم لا أنه ندب غير واجب فالسنة هي الطريقة المتبعة وجوباً واستحبابا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى (٢)».

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ (٣)».

وتخصيص السنة بمعنى المستحب أو بما يجوز تركه اصطلاح حادث (٤)،


(١) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (ص ٧٧ ـ ٧٨) للعلامة تقي الدين بن دقيق العيد طبعة أولى دار الفكر بيروت ١٤١٧ هـ، ١٩٩٧م، تحقيق الشيخ عرفان العشا حسونة.
(٢) أخرجه: البخاري (٥٠٦٣) ومسلم (١٤٠١) والنسائي في الكبرى (٥٣٠٥).
(٣) أخرجه: الترمذي (٢٦٧٦) وأبو داود (٤٦٠٧) وابن ماجه (٤٢) والدارمي (٩٥) وأحمد (١٧١٤٤) (١٧١٤٥).
(٤) السنة عند الأصوليين وأهل الحديث تطلق على ما أضيف للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ من قول أو فعل أو تقرير، وهي مصدر من مصادر التشريع ودليل من أدلة الأحكام، فهي تدل على الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام.
وإن كان الفقهاء وغيرهم يستعملون لفظ السنة مرادفاً للمستحب والمندوب وقد قامت على ذلك أدلة، إلا أن هذا لا يلغي المعنى الأول والأساسي لمفهوم السنة، فينبغي التفريق بين لفظ السنة كدليل من أدلة الأحكام ولفظ السنة كحكم كما عند الفقهاء.

<<  <   >  >>