للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ـ عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة؛ لِمَا فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمِّن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمِّن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (١).

٣ـ عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمِّن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة العقد فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط، وكلاهما مُحَرَّم بالنّصّ والإجماع.

٤ـ عقد التأمين التجاري من الرهان؛ لأن كلاًّ منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسِّنَان (٢)، وقد حصر النبي - صلى الله عليه وسلم - رخصة الرهان بعوض في ثلاث بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا سبق إلا في: خُفٍّ، أو حَافرٍ، أو نَصْلٍ)) (٣)، رواه


(١) سورة المائدة، الآية: ٩٠.
(٢) السِّنَان: هو: سِنان الرُّمح؛ وجمعه أسنة, مختار الصحاح، مادة (سنن).
(٣) أخرجه الترمذي، آخر كتاب فضائل الجهاد، باب السبق والرهان، برقم ١٧٠٠، وأبو داود، كتاب الجهاد، باب في السبق، برقم ٢٥٧٤، وابن ماجه، كتاب الجهاد، باب السبق والرهان، برقم ٤٤، و٢٨٧٨، والنسائي، كتاب الخيل، باب السبق، برقم ٣٥٨٧، و٣٥٨٨، وأحمد في المسند، ٢/ ٢٥٦، ٣٥٨، ٤٧٤، برقم ٧٤٧٦، و٨٩٨١، و٩٤٨٣، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. والحديث حسنه الترمذي، وصححه ابن القطان، وابن دقيق العيد قال أحمد شاكر في تحقيق المسند، ٧٤٧٦، و٨٦٧٨، و٨٩٨١، و٩٤٨٣،: ((إسناده صحيح))، وقال الأرناؤوط في شرح السنة،١٠/ ٣٩٣: ((إسناده صحيح))، وقال الألباني في صحيح أبي داود، برقم ٢٣١٩: ((إسناده صحيح)).

<<  <   >  >>