للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} (١).

ما هذا الوعيد الهادر (٢) من طاغية جبار يقول للناس: أنا ربكم الأعلى، وما علمت لكم من إلهٍ غيري.

إن أمواجه تتحطّم على يقين المؤمنين الذين وقفوا كالجبال الشمّ، ولكنهم توجهوا إلى الله ليثبّتهم، ويلقي في قلوبهم السكينة، ويفرغ عليهم الصبر: {قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} (٣).

[العائق الثالث: استبطاء النصر والفرج:]

لقد جعل الله - سبحانه وتعالى - العاقبة للمتقين، وكتب لهم التمكين في الأرض؛ ليكون الدين كله لله، ولكن هذه المنزلة لن يبلغها المؤمنون بين عشيةٍ وضحاها.

قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} (٤).

متى نصر الله؟ استبطاءً له، واستعجالاً لمجيئه؛ هنالك يجيء الغوث للملهوف، والفرج للمكروب، فتفرح القلوب - ألا إن نصر الله قريب.


(١) سورة الأعراف، الآيتان: ١٢٣ - ١٢٤.
(٢) الهادر: هدر البعير هدراً، أي ردد صوته في حنجرته، ويضرب لمن يصيح ويجلب. القاموس المحيط، (هدر).
(٣) سورة الأعراف، الآيتان: ١٢٥ - ١٢٦.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢١٤.

<<  <   >  >>