من أجل دينها، وتبكي كل يوم في الأبطح سنة أو قريباً منها، إنه موقف عظيم وبلاء كبير أسفر عن قوة الإيمان والصدق مع الله، فنسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، ورضي الله عن أبي سلمة وزوجته وأرضاهما، فقد جاهدا في الله، وأُوذيا في الله، وصبرا في الله، والله المستعان.
[الصورة الخامسة: صبر عبد الله بن حذافة:]
وعندما ينظر الإنسان في موقف عبد الله بن حذافة بن قيس - رضي الله عنه - عندما حاول ملك الروم أن يصدّه عن دينه يرى الموقف الحكيم، والرجل العظيم!
وجَّه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جيشاً إلى الروم، فأسروا عبد الله بن حذافة، فذهبوا به إلى مَلِكِهم، فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد. فقال: هل لك أن تتنصَّر وأُعطيك نصف ملكي؟ قال: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما تملك، وجميع ملك العرب، ما رجعت عن دين محمد - صلى الله عليه وسلم - طرفة عين، قال: إذاً أقتلك. قال: أنت وذاك، فأُمِرَ به فصُلِبَ وقال للرماة: ارموه قريباً من بدنه، وهو يعرض عليه ويأبى ولم يجزع، فأنزله، وأمر بقدر فصُبَّ فيه ماء وأُغليَ عليه حتى احترقت، ودعا بأسيريْنِ من المسلمين، فأمر بأحدهما، فأُلقي فيها فإذا عظامه تلوح، وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى، فأمر بإلقائه في القدر إن لم يتنصّر، فلما ذهبوا به بكى، فقيل للمَلِك: إنه بكى، فظن أنه قد جزع، فقال: رُدُّوه، فقال: ما أبكاك؟ قال: قلت هي نفس واحدة تُلقى الساعة فتذهب فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تُلقى في النار في الله، فتعجب الطاغية فقال