للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المواقف العظيمة التي وقفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دليل واضح على حكمة النبي - صلى الله عليه وسلم -،وعلى صبره، وشجاعته، وأنه - صلى الله عليه وسلم - حينما علم بأن قريشاً قد طغت، ورفضت الدعوة بحث عن مكان يتخذ فيه قاعدة للدعوة الإسلامية، ولم يكتف بذلك، بل أخذ منهم البيعة والمعاهدة على نصرة الإسلام، وتم ذلك في مؤتمرين: بيعة العقبة الأولى، ثم الثانية، وعندما وجد مكان الدعوة الذي يتخذ قاعدة لها، ووجد أنصار الدعوة أذن بالهجرة لأصحابه، وأخذ هو بالأسباب عندما تآمرت عليه قريش، وهذا لا يعتبر جبناً، ولا فراراً من الموت؛ ولكن يعتبر أخذاً بالأسباب مع التوكل على الله تعالى، وهذه السياسة الحكيمة من أسباب نجاح الدعوة، وهكذا ينبغي أن يكون الدعاة إلى الله، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو قدوتهم وإمامهم (١).

[الصورة الحادية عشرة: جرح وجهه وكسرت رباعيته - صلى الله عليه وسلم -:]

وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنه سُئلَ عن جرح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد فقال: جُرِحَ وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وكُسِرَت رباعيته، وهُشِمَت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة رضي الله عنها تغسل الدم، وعليٌّ - رضي الله عنه - يمسك، فلما رأت الدم لا يرتد إلا كثرة أخذت حصيراً فأحرقته حتى صار رماداً، ثم ألزقته فاستمسك الدم (٢).

وقد حصل له هذا الأذى العظيم الذي ترتج لعظمته الجبال، هو نبي


(١) انظر: السيرة النبوية دروس وعبر، ص٦٨.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب لبس البيضة، ٦/ ٩٦، برقم ٢٩١١، ومسلم، كتاب الجهاد، باب غزوة أحد، ٣/ ١٤١٦، برقم ١٧٩٠.

<<  <   >  >>