للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فها هي الدنيا كما وصفت لا تستقيم على حال، ولا يقر لها قرار، فيوم لك وآخر عليك، قال تعالى: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (١).

وقد أحسن أبو البقاء الرندي القائل:

لكل شيء إذا ما تم نقصان ... فلا يغرّ بطيب العيش إنسان

هي الأيام كما شاهدتها دول ... من سره زمان ساءته أزمان

وليعلم العبد الصالح أنه لو فتش العالم لم يجد إلا مبتلى: إما بفوات محبوب، أو حصول مكروه، وأن سرور الدنيا أحلام نائم، وظل زائل، وسحابة صيف، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً، وإن سرّت يوماً أساءت دهراً، وإن متّعت قليلاً، منعت طويلاً.

ثانياً: اليقين بحسن الجزاء عند الله:

إذا علم العبد أن الصابرين ينتظرهم أحسن الجزاء عند الله حين يرجعون إليه، ويقفون بيديه، فيعوضهم عن صبرهم خيراً، ويمنحهم أجراً، ويجزل لهم المثوبة، فإنه لاشك يتصبّر ويرضى بما قدّره الله.

ولا يجد المتتبع لآيات القرآن الكريم شيئاً ضُخِّمَ جزاؤه، وعُظِّم أجره مثل الصبر.

فهاهو يتحدث عن هذا الأجر بأسلوب المدح والتفخيم: {نِعْمَ أَجْرُ


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٤٠.

<<  <   >  >>