للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آثارهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحداً، ثم بلغ هؤلاء المهاجرين أن قريشاً قد كفّوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجعوا إلى مكة من الحبشة، وقبل وصولهم مكة بساعة من نهار بلغهم أن الخبر كذب، وأن قريشاً أشد ما كانوا عداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل من دخل مكة بجوار، وكان من الداخلين ابن مسعود - رضي الله عنه -، ووجد أن ما بلغهم من إسلام أهل مكة كان باطلاً، فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار - كابن مسعود -أو مستخفياً، ثم اشتد البلاء من قريش على من دخل مكة من المهاجرين وغيرهم، ولقوا منهم أذىً شديداً، فأذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية، وكان عدد من خرج في هذه المرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلاً، إن كان فيهم عمار بن ياسر، ومن النساء تسع عشرة امرأة، فكان المهاجرون في مملكة أصحمة النجاشي آمنين، فلما علمت قريش بذلك أرسلت للنجاشي بهدايا وتحف ليردّهم عليهم، فمنع ذلك عليهم، ورد عليهم هداياهم، وبقي المهاجرون في الحبشة آمنين حتى قدموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر (١).

[الصورة الثامنة: حبسه - صلى الله عليه وسلم - في الشعب:]

ولما رأت قريش انتشار الإسلام، وكثرة من يدخل فيه، وبلغها ما لقي المهاجرون في بلاد الحبشة، من: إكرام وتأمين، مع عودة وفدها خائباً، اشتد حنقها على الإسلام، وأجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشم،


(١) انظر: زاد المعاد لابن القيم، ٣/ ٢٣، ٣٦، ٣٨، والرحيق المختوم، ص٨٩، وهذا الحبيب يامحب، ص١٢٠، وسيرة ابن هشام، ١/ ٣٤٣، والبداية والنهاية، ٣/ ٦٦، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٢/ ٩٨، ١٠٩، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم السيرة، ص١٨٣.

<<  <   >  >>