للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بني هاشم. قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((لا نعلم خلافاً في

أن بني هاشم لا تحلُّ لهم الصدقة المفروضة)) (١) (٢)،


(١) المغني، لابن قدامة، ٤/ ١٠٩.
(٢) أما بنو المطلب فاختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تحريم الصدقة عليهم على قولين:
القول الأول: أن الزكاة تحرم على بني المطلب كما تحرم على بني هاشم، وهو قول الشافعي ومن وافقه ورواية عن أحمد؛ لحديث جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا, ونحن بمنزلة واحدة منك؟ فقال: ((إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحدٌ)) قال جبير: ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس، وبني نوفل شيئاً [البخاري برقم ٤٢٢٩، ورقم ٣٥٠٢، ورقم ٣١٤٠، وقال في هذا الطرف: ((وقال ابن إسحاق: عبد شمس، وهاشم، والمطلب إخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم))، فاتضح بذلك أن المطلبيين هم المنتسبون إلى المطلب، والمطلب أخو هاشم، وأبو هما عبد مناف، وله أربعة أبناء، وهم: هاشم، والمطلب، وعبد شمس، ونوفل. وهاشم هو جد النبي - صلى الله عليه وسلم - الثاني، وهو أبوه الثالث، وبنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد: أي في النصرة، وهم ليسوا من أهل البيت؛ لأنهم ليسوا من سلالة هاشم، وإنما هم من سلالة أخيه المطلب، ولكنهم يشاركون آل البيت في الخمس، وعلى هذا قال من قال: إنهم لا يأخذون من الزكاة؛ لأنهم استغنوا بما أخذوا من الخمس عن الزكاة, وعلى هذا القول، يكون بنو المطلب حكمهم في تحريم أخذ الزكاة حكم بني هاشم، وحكمهم في استحقاق الخمس كبني هاشم، وبنو عمهم: [بنو نوفل، وبنو عبد شمس] ليس لهم حق في الخمس، ولهم الأخذ من الزكاة.
القول الثاني: أن الزكاة تحلُّ لبني المطلب، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقول أبي حنيفة؛ لأن بني المطلب ليسوا من آل محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ولعموم الآية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: ٦٠]، لكن خرج بنو هاشم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد, إنما هي أوساخ الناس ... )) [مسلم، برقم ١٠٧٢] فيجب أن يختص المنع بهم، ولا يصح قياس بني المطلب على بني هاشم؛ لأن بني هاشم أقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأشرف، وهم آل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه بمجرد القرابة بدليل: أن بني عبد شمس، وبني نوفل يساوونهم في القرابة، ولم يعطوا شيئاً؛ وإنما شاركوهم بالنصرة أو بهما جميعاً، والنصرة لا تقتضي منع الزكاة، وهذا هو القول الصحيح، وسمعت شيخنا ابن باز أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ٣١٤٠، يقول: ((بنو المطلب يعطون من الخمس؛ لأنهم ناصروا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية والإسلام، ويعطون من الزكاة على الصحيح؛ لأنه منع الزكاة عن بني هاشم فقط)) واختار هذا القول أيضاً الخرقي في مختصره مع المغني، ٤/ ١٠٩، وابن قدامة في المغني، ٤/ ١١١، وفي المقنع مع الشرح الكبير، ٧/ ٢٨٩، وفي العمدة، وشيخ الإسلام كما في الفروع مع تصحيحه، ٤/ ٣٧٠، والإنصاف مع الشرح الكبير، ٧/ ٣٠٧، وصاحب الروض المربع، ٣/ ٣٢٩، وغيرهم كثير, وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع، ٦/ ٢٥٩: ((والصحيح ... أنه يصح دفع الزكاة إلى بني المطلب)). وانظر: المجموع للنووي، ٦/ ١٦٧، وفتح الباري لابن حجر،
٣/ ٢٢٧، ونيل الأوطار، ٣/ ٨٧، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٨٢.

<<  <   >  >>