للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أواخر زمن الصحابة ظهرت القدرية، ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة، والجهمية والمشبهة بخراسان في أثناء عصر التابعين مع ظهور السنة وأهلها؛ لأن الخلفاء والملوك والولاة لم يكن لهم دور في إظهار البدع والدعوة إليها، إلى ظهور المأمون (١)، فاستجلب كتب الأوائل، وعرب حكمة اليونان، ورفع الجهمية والمعتزلة والشيعة رؤوسهم، وأظهر المأمون عام ٢١٢هـ القول بخلق القرآن، وحمل الأئمة على القول بذلك، ثم امتحن العلماء وعذبهم عام ٢١٨هـ (٢).

وفي آخر حياته قبل موته بأشهر خرج إلى طرطوس لغزو الروم، وكتب إلى نائبه ببغداد يأمره أن يدعو الناس ويلزمهم بالقول بخلق القرآن، فألزم الناس بذلك، وبعث بجماعة من أهل الحديث إلى المأمون، فامتحنهم بخلق القرآن، فأجابوه وأظهروا موافقته وهم كارهون، فردهم إلى بغداد، وأمر بإشهار أمرهم بين الفقهاء ففعل نائبه ذلك، وأحضر خلقاً كثيراً من أئمة الحديث والفقهاء وأئمة المساجد وغيرهم، ودعاهم إلى القول بخلق القرآن عن أمر المأمون، وذكر لهم موافقة أولئك المحدثين له على ذلك، فأجاب


(١) المأمون، هو عبد الله بن هارون الرشيد، ولد سنة ١٧٠هـ، وبويع بالخلافة في ٢٥ محرم عام ١٩٨هـ، وكان داعية للقول بخلق القرآن فقصمه الله بدعوة الإمام أحمد، وتوفي في ٢٥ محرم، سنة ٢١٨هـ. انظر: البداية والنهاية، ١٠/ ٢٧٤.
(٢) سير أعلام النبلاء، ١١/ ٢٣٦، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، ص٣٠٦، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٥/ ١٩٧ - ٢٠٠.

<<  <   >  >>